التزين .. حب متبادل
التزين للزوج واجب على الزوجة له، وحق لزوجها ولنفسها، بل ولربها، فإن النظافة رأس الزينة، والنظافة من الإيمان.
أيتها الأخت الفاضلة، احرصي أن تكوني أنثى، وعلى الفطرة التي فطر الله عليها النساء من حب الجمال والتجمل، والتجمل فن من فنون المعاشرة الزوجية، وأظنك -أيتها الأخت الفاضلة- أنك كنت حريصة على ذلك منذ عقد عليك زوجك حتى لا تقع عينه إلا على ما يرضيه ويزيده رغبة وتعلقًا بك، وأنت تعلمين أنه يحب ذلك، وقد يصرح بذلك وقد يسكت عن غير رضى منه، فهل تظنين أنه لم يعد له عين تحب أن ترى ذلك منك؟! وهل بتركك للتزين له تضمنين أنه لم يعد يرغب في أن يرى امرأة ذات زينة؟! وهل تضمنين برغم كل شيء جميل منك وفيك أن رغبته في ذلك ماتت أو ضعفت؟! مهما كان الأمر أنت واهمة.
املكي عينيه:
أيتها الأخت الفاضلة، اعلمي أن شياطين الإنس والجن تُزَيِّن لزوجك كسائر الناس، فزوجك رجل ابتلاه الله، يقول تعالى: }زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ{ [آل عمران: 14]. وعن جابر t أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إِنَّ الْمَرْأَةَ تُقْبِلُ فِي صُورَةِ شَيْطَانٍ وَتُدْبِرُ فِي صُورَةِ شَيْطَانٍ، فَإِذَا أَبْصَرَ أَحَدُكُمْ امْرَأَةً فَلْيَأْتِ أَهْلَهُ، فَإِنَّ ذَلِكَ يَرُدُّ مَا فِي نَفْسِهِ" [رواه مسلم]. أي يرد ما في نفسه من الميل إلى النساء والنظر إليهن؛ لذلك -أيتها الأخت الفاضلة- اللوم كله عليك إن لم يجد زوجك عندك من الزينة والتجمل ما عند النساء في خارج بيتك، وما أكثرهن وأحرصهن على جذب أنظار زوجك وسائر الرجال، وإياك إياك -هداك الله- أن تتزيني لغير الزوج أو عند الخروج من المنزل فيحلّ عليك غضب الجبار،
نافسيهن بزينتك:
أيتها الفاضلة، اسمعي هذه الوصية من أمنا أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- وهي توجز القول النافع الجامع لكل زوجة، فعن بكرة بنت عقبة أنها دخلت على عائشة -رضي الله عنها- فسألتها عن الحناء فقالت: ((شَجَرَةٌ طَيِّبَةٌ وَمَاءٌ طَهُور))، وسألتها عن الحفاف فقالت: ((إنْ كَانَ لَكِ زَوْجٌ فَاسْتَطَعْتِ أنْ تَنْزَعِي مُقْلَتَيْكِ فَتَصْنَعِيهِمَا أحْسَنَ مِمَّا هُمَا فَافْعَلِي)). [رواه ابن سعد في الطبقات والذهبي في سير أعلام النبلاء]. نعم، إلى هذا الحد تخبر زوج النبي صلى الله عليه وسلم بما يجب أن تبذله الزوجة من التزين، فتخرج عينيها لتصنعهما أحسن مما هما تحببًا للزوج، وتطميعًا له في الإقبال عليها.
واسمعي - رعاك الله - لهذه القصة اللطيفة التي تحدثنا عن منافسة زوجات النبي صلى الله عليه وسلم في التزين له، والخوف عليه من أن يرى غيرهن في صورة من الزينة أفضل منهن. فعن رزينة - رضي الله عنها - مولاة رسول الله أن سودة اليمانية جاءت عائشة تزورها وعندها حفصة بنت عمر -رضي الله عنهما- فجاءت سودة في هيئة وفي حال حسنة، عليها بُرْد من دروع اليمن وخمار كذلك، وعليها نقطتان مثل الفِرْستين[2] من صبر وزعفران إلى عينها، فقالت حفصة لعائشة: يا أم المؤمنين، يجيء رسول الله وهذه بيننا تبرق! فقالت أم المؤمنين: اتقي الله يا حفصة، فقالت: لأفسدن عليها زينتها، قالت سودة: ما تقلن؟ وكان في أذنها ثقل[3]، قالت لها حفصة: يا سودة، خرج الأعور -أي المسيح الدجال- قالت: نعم؟! ففزعت فزعًا شديدًا، فجعلت تنتفض، قالت: أين أختبئ؟ قالت: عليك بالخيمة -خيمة لهم من سعف النخيل يختبئون فيها- فذهبت فاختبأت فيها، وفيها القذر ونسيج العنكبوت، فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم وهما تضحكان لا تستطيعان أن تتكلما من الضحك، فقال: ((مَاذَا الضَّحِكُ؟)) ثلاث مرات، فأومأتا بأيديهما إلى الخيمة، فذهب فإذا سودة ترعد، فقال لها: ((يَا سَوْدَةُ، مَا لَكِ؟)) قالت: يا رسول الله، خرج الأعور!! قال: ((مَا خَرَجَ وَلَيَخْرُجَنَّ، مَا خَرَجَ وَلَيَخْرُجَنَّ))، فأخرجها ينفض عنها الغبار ونسيج العنكبوت. [رواه الطبراني].