بسم الله الرحمن الرحيم
الكتابة ليست مجرد تجميع أحرف لتكون كلمات.. أو تنميق حديث لجذب معجبين ومعجبات.. ليست في تقديم أو تأخير.. في شهيق وآه وزفير.. ليست في سرقة من هنا وهناك.. ليقال هذا مقال فريد كذاك.. ليست في البهرجة واللعب بالأحرف.. لتفاجأ القارئ ليصرخ ماذا يحدث؟ الكتابة هي مجرد ترجمان.. لما يدور في القلب من أفراح وأحزان.. هي منقذة حين يعجز اللسان.. عن الإفصاح بالأشجان.. تنقذك من شدة الحر والسموم.. إلى ظل وافر بشجر أو غيوم..
لم تكن يوماً لعبة في أيدي أطفال.. ليظنوا أنهم عرفوا وفهموا الجمال.. ظنوا أنها 28 حرف.. ولم يعلموا أن منها 28 ألف.. ظنوا أنها ألف بجوار باء.. كلا والله هي ليست ثغاء.. حسبوا التصوير فيها غيم بجوار شمس.. ولم يعلموا متى الصراخ والهمس.. لم تكن يوماً هكذا.. لم يعيشوا متى العجز عن الكلام ليكتبوا.. ولم يعلموا متى الجد والهزل ليمرحوا.. لم يقدروها ولم يقدروا لغتها.. فخلطوا العامي بالفصيح.. توقفوا فلقد شاهت.. لا أقول اهجروا الكتابة ولكن أعطوها حقها من قلبكم ولغتكم وقلمكم.. وستعطيكم حقكم..
كل يوم يخط فيه طفل بقلمه.. يتحول القلم إلى سكين تطعن في أحشاء الكتابة.. توقفوا لقد أدميتموها.. لا أقصد بالطفل العمر.. بل أقصد بالطفل الغدر.. غدر بقلمه الأحمر القاني.. ونسي أنه هو الفاني.. ويبقي الدهر ما كتبت يداه..
عندما تمسك القلم اعلم أنك ستحفر في قلبك.. وستتعب شعورك وحواسك.. وستبني الأفكار وتهدم.. وستجلب الألفاظ وتبعد.. لتخرج شيئا يليق بها.. سأتوقف فمن أنا لأتكلم نيابة عنها.. أخشى أن أكون من الأطفال الذين يشوهونها ويحسبون أنهم يحسنون صنعاً..
واهم!